لماذا تنجح كرة اليد في مصر بينما تتعثر كرة القدم؟

لماذا تنجح كرة اليد في مصر بينما تتعثر كرة القدم؟

رغم الشعبية الطاغية لكرة القدم في مصر، تبقى النجاحات الحقيقية والمستمرة حكرا على لعبة أخرى تمارس بعيدا عن الأضواء والأموال الكثيرة وهي كرة اليد.

فقد بات منتخب مصر لكرة اليد مرعبا على المستويين القاري والعالمي، بينما تواصل كرة القدم المصرية، رغم تاريخها الكبير، التراجع أمام منافسيها الأفارقة والعرب، مع غياب الإنجازات في البطولات الكبرى. فما سر هذا التناقض؟ وما الذي يميز مشروع كرة اليد عن كرة القدم في مصر؟

أولًا:- الاستقرار الفني والتخطيط طويل الأمد

 من أبرز أسباب نجاح كرة اليد في مصر هو وجود خطط مدروسة طويلة الأجل منذ أكثر من عقد، بدأت بثورة في قطاع الناشئين والمدارس، ومرت بمشروع قومي لرعاية الموهوبين، وصولا إلى تثبيت الأجهزة الفنية لفترات طويلة مع استقدام أجهزة فنية أوروبية على أعلى مستوى لخدمة كرة اليد المصرية، وهو ما ساهم في بناء جيل قوي ليسيطر افريقيا، كما شارك في أكثر من بطولة عالم ونافس في أولمبياد طوكيو 2020 بقوة، محتلا المركز الرابع عالميا، بالإضافة إلى احتلال المركز الخامس في بطولة العالم الأخيرة 2025، وكانت اكبر انجازات كرة اليد المصرية هو المركز الرابع في بطولة العالم 2001.

بالإضافة أيضا لتألق فرق الشباب والناشئين في بطولات العالم بمختلف الأعمار.

بينما على الجانب الآخر، تعاني كرة القدم من عدم الاستقرار الفني والإداري، حيث تتغير الأجهزة الفنية للمنتخبات بشكل متكرر، وغالبا دون رؤية واضحة، كما أن التخطيط ان وجد يظل قصير الأجل وموسميا، مرتبطا غالبا بالمنافسات المحلية للأندية فقط.

ثانيا:- غياب ضغوط الجماهير والإعلام في كرة اليد

 كرة اليد تعيش بعيدا عن صخب الإعلام وضغوط الجماهير، وهو ما يتيح للأجهزة الفنية واللاعبين العمل بهدوء وتطوير أنفسهم دون ضغوط مبالغ فيها. ولكن في المقابل، تخضع كرة القدم لمتابعة لحظية على مواقع التواصل الإجتماعي وتحليل دائم، مما يؤدي إلى اتخاذ قرارات انفعالية، سواء في التعاقدات أو الإقالات أو حتى اختيار التشكيلات.

ثالثا:- الانضباط والهوية داخل المنتخبات والأندية

 منتخبات اليد المصرية تتميز بهوية واضحة في اللعب والانضباط التكتيكي والبدني، وهو ما يجعل الأداء جماعيا بغض النظر عن أسماء النجوم. بينما في كرة القدم، كثيرا ما تطغى الفرديات وتغيب الروح الجماعية، كما أن بعض الأندية والمنتخبات تعتمد على لاعب واحد أو نجم بعينه، ما يجعل الأداء هشا وضعيفا أمام الفرق المنظمة.

رابعا:- قوة البنية التحتية والمسابقات في اليد

 اتحاد كرة اليد في مصر ينظم بطولات منتظمة للفئات العمرية المختلفة، وهناك مشاركة فعالة للأندية في بطولات إفريقيا والعالم، ما يمنح اللاعبين خبرات مبكرة. بينما في كرة القدم، ورغم وجود دوري قوي جماهيريا، إلا أن مسابقات الناشئين تعاني من فوضى وبدون اي تخطيط، كما أن فرص الاحتراف والتطوير محدودة أمام اللاعبين الصاعدين.

خامسا:- انتشار الاحتراف الخارجي للاعبي كرة اليد

تعد كرة اليد المصرية من أكثر الألعاب التي يشهد لاعبوها احترافا خارجيا في أكبر الأندية الأوروبية، خاصة في فرنسا، ألمانيا والمجر، مثل يحيى خالد، يحيى الدرع، علي زين، محمد سند ومؤخرا أحمد عادل وعبد الرحمن فيصل هذا الاحتكاك المتواصل بمستويات عالية يمنح المنتخب خبرات فنية وبدنية متقدمة تحدث فارقا واضحا عند المشاركة في البطولات الدولية.

أما في كرة القدم، فعدد المحترفين المصريين في الدوريات الكبرى محدود للغاية، وذلك بسبب تمسك الأندية باللاعبين الناشئين والصاعدين بالإضافة للمغالاة والمبالغة بالطلبات المادية، وفي حالة موافقة الأندية على احتراف لاعبيها تكون التجارب في دوريات عربية أو دوريات أوروبية ضعيفة، وفي معظم حالات الإحتراف يعود اللاعب مجددا للمسابقات المحلية بعد رحلة احتراف قصيرة وغير مجدية، وهو ما يقلل من فرص التطور الحقيقي على المستوى الفردي والجماعي.

وفي النهاية
نجاح كرة اليد في مصر لم يأتي صدفة، بل هو نتاج عمل مؤسسي ورؤية واضحة وتكامل بين الاتحاد والأندية والمدارس، في حين أن كرة القدم رغم قوتها الشعبية تفتقر إلى نفس المنهجية والاستقرار. وإذا أرادت الكرة المصرية استعادة بريقها، فعليها أن تتعلم من تجربة اليد: لا صوت يعلو فوق صوت التخطيط والانضباط والعمل الجماعي دون النظر للمصلحة الخاصة و"السبوبة".

تابع ايضاً

سجل حسابك واشترك فى مسابقات لايف 90 واعرف اخر الاخبار الحصرية

سجل حسابك وتابع دورياتك والفرق المفضلة لك واعرف اخر الاخبار بكل سهولة واشترك في المسابقات ورد من فرصة فوزك بأفضل الهداية

تسجيل الدخول