حصري  دوري توم وچيري

دوري توم وچيري
قاربت صافرة بداية الليجا على الانطلاق لتبدأ قلوب عشاقها بالخفقان..في غضون أيام، تنطلق الحكاية من جديد، لتعود الكرة الأجمل والأمتع بنظر محبيها.

قد يرى الكثيرين من مشجعي الكرة العالمية أن الدوري الإسباني بطولة ضعيفة نسبيا، نظرا لاقتصار المنافسة بشكل كبير على العملاقين ريال مدريد وبرشلونه، حتى أنهم يطلقون عليه دوري "توم وچيري"، وعلى النقيض البريميرليج والذي يتميز بصراع كبير ومفتوح بين أندية عديدة مثل ليفربول وآرسنال وتشيلسي وفريقي مدينة مانشستر، أو الكالشيو بفرقه التاريخية يوفنتوس وانتر وميلان وروما، ولكن هل هذا الوصف منصف؟ دعونا نتناول الأمر من زاوية محبيه لكي نستطيع الحكم بشكل جيد.



النظر للفرق الإسبانية بإستثناء ريال مدريد وبرشلونه على أنها ضعيفة غير واقعي بالمرة، ويحمل ظلما كبيرا للاندية الأخرى، فلو تابعت فرق مثل أتلتيكو مدريد وإشبيليه وفياريال وأتلتيك بلباو وريال بيتيس وريال سوسييداد لوجدت بين صفوفهم مواهب كبيرة لا تستطيع أن تتجاهلها، يشكلون تحديا صعبا دائما على ملاعبهم ووسط جماهيرهم أمام أي منافس.

كم هائل من النجوم شق طريقه في السنوات الأخيرة من الليجا إلى البريميرليج، انتقالات شكلت إضافة كبيرة للدوري الإنجليزي. يكفي أن نذكر أسماء مثل فرناندو توريس، أجويرو، أليكسيس سانشيز، دي خيا، دافيد سيلفا، كازورلا، دييجو كوستا، وخوان ماتا ومسعود أوزيل، وصولا إلى الجيل الأحدث المتمثل في رودري، مارتن أوديجارد، ميكيل ميرينو، وألكسندر إيزاك، نجوم أشعلوا الملاعب الإنجليزية بمهاراتهم وأهدافهم.



أمر آخر لا يمكن إغفاله وهو وصول أندية الليجا بشكل دائم للمراحل النهائية للمسابقات الأوروبية, فلو نظرنا لبطولة اليوروبا ليج “ثاني أقوى البطولات الأوروبية” ستجد أن فرق الليجا هيمنت على اللقب وفازت به 9 مرات من أصل 17 نسخة أقيمت منذ انطلاق الشكل الجديد للبطولة موسم 2008-09 بواقع 5 بطولات لإشبيليه “من بينهم 3 مرات انتزعت من أنياب ليفربول وانتر وروما”، 3 مرات لأتلتيكو مدريد”أحدهم ضد فولهام”، مرة لفياريال على حساب العملاق مانشستر يونايتد، وهي أرقام تعكس قوة فرق منتصف الجدول كما يتم تسميتها، ودليل على اكتسابها مكانة وخبرة لا يستهان بها.



لو بحثت جيدا بين عشاق الليجا ستجد شغفا لا ينتهي بالكرة الهجومية الجميلة والتي لا تعرف أبدا التراجع للخلف، لا يحبون رؤية فريقهم يتقهقر للدفاع منتظرا الفريق المنافس في مناطقه كما هو حال الكرة الإيطالية، بل يهاجم ويخاطر من أجل هز الشباك، كما أنهم لا يبحثون عن فرق تعتمد فقط على القوة البدنية، كما نراه في البريميرليج أو البوندسليجا، بل عن كرة ممتعة خليط بين المهارة والإبداع قبل أي شيء آخر.

متابعي الليجا لن ينسوا أبدا فرق تاريخية وأسماء خالدة سحرتهم وقدمت كرة قدم لا مثيل لها، بداية من جيل الديبور 2000 عندما ضم روي ماكاي، دييجو تريستان، دجالمينيا، أو فريق فالنسيا التاريخي الذي توج بالدوري مرتين بأسماء مثل روبن باراخا، بابلو ايمار، كانيزاريس، أيالا، وبالطبع الحديث لن يخلو من ذكر فريق دييجو سيميوني والذي قاد أتلتيكو مدريد للفوز مرتين أيضا بلقب الليجا وكسر سطوة ريال مدريد وبرشلونه، وهو أمر يراه الكثيرين أكبر إنجاز خلال السنوات الأخيرة عندما تحقق بأقدام لاعبين مثل دييجو كوستا، أردا توران، جابي، جودين، وتكرر بعدها مع لويس سواريز، وأوبلاك، وكوكي وساؤول وأنخيل كوريا.



سبب آخر يجعل من الدوري الإسباني مميزا عن غيره هو جذبه للنجوم، أنظر للكم الهائل من أساطير كرة القدم التي مرت به على مدار العقود مثل زيدان، فيجو ، رونالدو الظاهرة، رونالدينيو، روبرتو كارلوس، ريفالدو، بنزيما، راموس وهنري وايتو ونيمار وغيرهم من الأسماء اللامعة في عالم المستديرة، ناهيك عن الخارقان كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي واللذان يعتبران أفضل من لمس الكرة في العصر الحديث للمستديرة.



لا يوجد لاعب في أوروبا مهما بلغ قمة المجد مع ناديه يستطيع مقاومة إغراء ارتداء قميص أحد العملاقين ريال وبرسا، النادي الملكي بنجومه البراقة وتألقه الأوروبي، وبرشلونه بسحره وتقديمه للكرة الامتع بالعالم، لن نبالغ لو وصفنا اللعب لأحد الناديين بذروة المجد الكروي في القارة العجوز، كريستيانو رونالدو ترك مانشستر يونايتد متجها إلى العاصمة مدريد سعيا وراء الحلم، وريكاردو كاكا لم يستطع أن يقول لا. تييري هنري، أسطورة آرسنال، خضع لسحر البارسا، ومن بعده لويس سواريز، وغيرهم من أساطير اللعبة الذين وجدوا في هذين الناديين المحطة التي لا تقاوم.



لم يشهد عشاق الكرة على مدار التاريخ منافسة أشرس من مواجهة كريستيانو وميسي، حقبة هي الأمتع في عالم كرة القدم، انقسم حولها مشجعي الكرة بين حب موهبة ميسي الفذة وإصرار كريستيانو على التألق، واللذان قادا فريقهما لصراع مشتعل التف حوله العالم أجمع. من ينسى مباريات الغريمين في حقبة بيب جوارديولا وجوزيه مورينيو وما شهده الصراع من تصريحات حولت الكلاسيكو لحرب حقيقة بين المعسكرين والمباريات لساحة معركة.



الكلاسيكو يظل دائما المباراة الأكبر في العالم، منها انطلق أسلوب “التيكي تاكا” طريقة اللعب التي غيرت مجرى كرة القدم الحديثة وطبقها لاعبين مثل ميسي وتشافي وانيستا وبوسكيتس وهنري وإيتو، في المقابل ظهرت فكرة “الجلاكتيكوس” التي ابتكرها رئيس الميرينجي التاريخي فلورنتينو بيريز لمواجهة غريمه التقليدي عبر حشد النجوم في فريق واحد مثل فيجو وزيدان وبيكهام ورونالدو وكارلوس أو في حقبة مختلفة مع كريستيانو وكاكا وبنزيما وألونسو ودي ماريا وأوزيل.



كل هذه العوامل تمنح الدوري الإسباني بريقا خاصا في أعين عشاقه، يجدون فيه متعة لا تضاهى. قد تستوقفهم بين الحين والآخر قمة في البريميرليج أو مواجهة نارية في الكالشيو، لكنهم لا يبتعدون أبدا عن سحر الليجا. تراهم أمام الشاشات يتابعون بشغف "إل جران ديربي" بين إشبيليه وريال بيتيس، المصنف كأكثر مواجهات الليجا اشتعالا، أو ديربي الباسك العنيد بين أتلتيك وريال سوسييداد، وبالطبع ديربي العاصمة مدريد بين ريال وأتلتيكو. بالنسبة لهم، هذه اللحظات تفوق متعة مباريات "التوب فور" في إنجلترا أو حتى ديربي "المادونينا" بين ميلان وإنتر.



ولا يمكن أن ننهي حديثنا عن الليجا دون التطرق لجودة المنتخب الاسباني والذي تطور بشكل خاص في السنوات الأخيرة لاعتماده على لاعبين أصحاب قدرات فنية تختلف عن غيرهم، عكس بعض المنتخبات الأخرى التي تعتمد في المقام الأول على الجانب البدني، وهو ما ظهر جليا في صفوف الجيل الحالي والذي توج ببطولة اليورو 2024 معتمدا على مواهب وأسماء غير لامعة إعلاميا، ولكنها أثبتت جودتها عبر لاعبين شباب أمثال لامين يامال، بيدري، نيكو ويليامز، بالإضافة لداهية خط الوسط رودري المتوج بالكرة الذهبية.


Ad
ترند لايف 90

تابع ايضاً

سجل حسابك واشترك فى مسابقات لايف 90 واعرف اخر الاخبار الحصرية

سجل حسابك وتابع دورياتك والفرق المفضلة لك واعرف اخر الاخبار بكل سهولة واشترك في المسابقات ورد من فرصة فوزك بأفضل الهداية

تسجيل الدخول